آفاق الاقتصاد الكلي: البحرين، عمان وقطر
01.05.2025من المتوقع أن ينمو اقتصاد كل من البحرين وعمان وقطر بوتيرة معتدلة خلال عامي 2025 و2026، بدعم رئيسي من زيادة إنتاج قطاع الهيدروكربونات. كما يتوقع أن يتسع عجز المالية العامة للبحرين نظراً لانخفاض أسعار النفط وبقاء أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، وذلك على الرغم من الجهود المتكررة لتحقيق التوازن المالي. ويواصل الاقتصاد العماني أداءه الإيجابي في أعقاب تنفيذ الإصلاحات، مع نمو الناتج غير النفطي وفوائض المالية العامة، وانخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. أما في قطر، فقد تلاشى التباطؤ الذي أعقب الزخم الناجم عن استضافة بطولة كأس العالم 2022، وعادت وتيرة النمو إلى التسارع بدعم من زيادة النشاط السياحي، والمبادرات الحكومية الجديدة، وارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
البحرين: الدعم المتجدد من دول مجلس التعاون الخليجي من الركائز الأساسية إبان البحرين: اتساع عجز المالية العامة
من المتوقع أن يسجل الاقتصاد البحريني نمواً بنسبة 0.8% فقط في عام 2024، نتيجة النمو القوي للأنشطة غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 3.6%، مما ساهم في تجاوز انكماش الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 2.7%. وبالنسبة لعامي 2025 و2026، من المتوقع أن يشهد النمو تحسناً ليصل في المتوسط إلى 2.8%، مدفوعاً بانتعاش الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 1.2% في عام 2025 وبنسبة 7.6% في عام 2026، مع وصول متوسط إنتاج النفط إلى 185 ألف برميل يومياً بحلول عام 2026، هذا إلى جانب تحفيز الاقتصاد غير النفطي بافتتاح مشروع تحديث مصفاة بابكو للتكرير. إلا أن انخفاض أسعار النفط الخام قد يؤثر على ارتفاع الإيرادات الناتج عن زيادة الكميات المنتجة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الاستثمارات واستمرار الضغوط على التصنيف الائتماني.
وتبقى حسابات المالية العامة للبحرين معرضة لتقلبات أسعار النفط، إذ تشكل عائدات قطاع الهيدروكربونات 61% من إجمالي الإيرادات، وهو ما يتطلب ارتفاع سعر النفط إلى نحو 130 دولار للبرميل في عام 2025 للوصول إلى نقطة التعادل. ويقدر عجز الميزانية لعام 2024 بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 4.7% في العام السابق فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تراجع إنتاج النفط الخام (بنسبة 6% على أساس سنوي). وفي حال بلوغ متوسط أسعار النفط 70 دولار للبرميل خلال العامين المقبلين، فقد تتسع فجوة العجز الأولي إلى ما نسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 1.2% في عام 2024، في حين قد يرتفع العجز الكلي إلى 9.3%. وضمن هذا السياق، فمن المرجح أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 141% (مقارنة بالتقديرات البالغة 133% لعام 2024) إذا استقرت أسعار النفط الخام عند 70 دولار للبرميل.
وسيشكل تجدد الدعم الخليجي للبحرين عاملاً أساسياً في سد الفجوة التمويلية، خاصة في ظل توافر احتياطيات نقدية أجنبية تبلغ نحو 4.8 مليار دولار، والتي تعد منخفضة مقارنةً مع قيمة الديون المستحقة سنوياً والبالغة ملياري دولار. ومن شأن هذا الدعم أن يساهم في الحيلولة دون خفض التصنيف الائتماني، خاصةً بعد أن قامت وكالتا فيتش وستاندرد أند بورز مؤخراً بتعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.
عمان: ثمار الإصلاحات تتجلى في قوة النمو
تشير التوقعات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عمان بوتيرة قوية تتجاوز 3% خلال عامي 2025 و2026، بدعم من استمرار ضخ الاستثمارات في القطاع الخاص، خاصة في قطاعات الانشاءات، والتصنيع، وتجارة الجملة والتجزئة، والسياحة. كما يتوقع أن يتعافى نمو قطاع الهيدروكربونات بنسبة 2.5% و3.7% في عامي 2025 و2026، على التوالي، بعد أن تراجعه في عام 2024 بنسبة 1.4% نتيجة خفض إنتاج النفط الخام وفقاً لاتفاق منظمة الأوبك وحلفائها الأخير الخاص بالتخفيضات الطوعية. ويرجح أن تسجل السلطنة نمواً يبلغ 3.1% و3.6% خلال العامين المقبلين، أي بمستوى أعلى من متوسط النمو المسجل على مدار عشرة أعوام والبالغة نسبته 2.6%.
كما سيكون لتراجع أسعار النفط الخام تأثير محدود نسبياً على الاقتصاد العماني، نظراً لانخفاض سعر التعادل النفطي في الموازنة الحكومية بين 62 و65 دولار للبرميل، مما يبقي الموازنة العامة في وضع إيجابي عند نحو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي بدعم من زيادة إنتاج الهيدروكربونات في عام 2026. وحتى وإن تراجعت أسعار النفط إلى 60 دولار للبرميل أو أقل، فسوف يبقى العجز محدوداً عند أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي. من جهة أخرى، تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان مرة أخرى إلى الدرجة الاستثمارية، في مؤشر جديد على تعزيز مرونة الاقتصاد العماني.
ونجحت السلطات العمانية في وضع البلاد على مسار مستقر كما وعدت سابقاً، بما يشمل إصلاح أوضاع الشركات المملوكة للدولة، التي خفضت من التزاماتها المالية مما سمح بانخفاض ديون الكيانات المرتبطة بالحكومة بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثة أعوام الماضية. وتعمل الحكومة حالياً على وضع اللمسات النهائية على خطتها الخمسية الحادية عشرة (2026-2030)، التي تركز بشكل كبير على تنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، مع تركيز خاص على قطاعات التصنيع والسياحة والخدمات اللوجستية.
قطر: التوسع في قطاع الغاز الطبيعي المسال يفتح آفاق نمو واسعة للاقتصاد
من المتوقع أن يستقر النمو الاقتصادي في قطر عند 2.4% في عام 2025، قبل أن تتسارع وتيرته بشكل ملحوظ ليبلغ 5.5% في عام 2026. وسيساهم نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الهيدروكربوني بدور جوهري في دعم النمو على المدى المتوسط (مع توقع تسجيله لمعدل نمو بنسبة 9.8% في عام 2026) تزامناً مع اقتراب الانتهاء من مشروع توسعة حقل الشمال البحري العملاق. ومن المنتظر أن يؤدي التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى زيادة الطاقة الإنتاجية بنسبة مقدارها 63% بحلول عامي 2027-2028 (لتصل إلى 127 مليون طن سنوياً) هذا إلى جانب عدد من الآثار الإيجابية غير المباشرة على الناتج المحلي الإجمالي غير الهيدروكربوني من خلال إعادة ضخ الإيرادات المرتفعة في الاقتصاد المحلي لدعم أهداف التنمية الاقتصادية خلال الفترة القادمة. وتستهدف الاستراتيجية الوطنية الثالثة في قطر تحقيق متوسط نمو سنوي قدره 4% خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2024-2030، بدعم من كفاءة الأعمال، وتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وتنفيذ إصلاحات تعزز الابتكار. وتشمل الأهداف رفع إنتاجية العمالة بنسبة 2% سنوياً، واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تراكمية تصل إلى 100 مليار دولار، بالإضافة إلى تطوير عدد من القطاعات الاقتصادية الواعدة تشمل التصنيع والخدمات اللوجستية والسياحة.
ومن المتوقع أن تواصل حسابات المالية العامة تسجيل فوائض خلال فترة التوقعات، بدءاً من نسبة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 وصولاً إلى 4.5% في العام التالي مع بدء تشغيل وحدات إنتاج الغاز الجديدة ضمن مشروع التوسعة. وقد استخدمت فوائض الميزانية خلال السنوات الأخيرة في خفض الدين العام غير المسدد، وهو الاتجاه المرشح للاستمرار على المدى المتوسط، مما قد يخفض نسبة الدين العام إلى 34% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026. وتتمثل أبرز المخاطر السلبية في احتمال حدوث انكماش اقتصادي عالمي بوتيرة أشد من المتوقع، الأمر الذي قد يزيد من الضغوط التي تتعرض لها أسعار الطاقة، أو انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في حال زيادة المعروض عالمياً. إلا أن حجم التوسع الوشيك في إنتاج الطاقة، إلى جانب أهداف الاستثمار المحلي، من المقرر ان توفر لقطر قدراً من المرونة للتعامل مع تلك التحديات العالمية.