التحليل الاقتصادي
21.07.2025تشير البيانات الرسمية الأولية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للكويت سجل نمواً بنسبة 1%، على أساس سنوي، في الربع الأول من عام 2025، لينهي سبعة أرباع متتالية من الانكماش، بدعم من تباطؤ وتيرة تراجع القطاع النفطي. ومع بدء انحسار الآثار السلبية لتخفيضات الإنتاج الطوعية السابقة، سجل الناتج النفطي انخفاضاً هامشياً هو الأدنى منذ الربع الثاني من عام 2023. وفي المقابل، بقي نمو القطاع غير النفطي إيجابياً على الرغم من تراجعه، متأثراً باعتدال وتيرة نمو قطاعات التصنيع والعقارات والنقل. وتشير التوقعات إلى استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى القريب، مدفوعاً بزيادة إنتاج النفط بعد ان بدأت الكويت بإضافة 135 ألف برميل يومياً لحصة الإنتاج بين أبريل وسبتمبر 2025، إلى جانب تسجيل القطاع غير النفطي لمكاسب إضافية بوتيرة متواصلة.
تباطؤ وتيرة نمو الناتج غير النفطي في الربع الأول من 2025 بعد الأداء القوي في الربع السابق
تباطأت وتيرة نمو القطاع غير النفطي في الربع الأول من عام 2025 إلى 2%، على أساس سنوي، مقابل نمو نسبته 4% المسجلة في الربع السابق (الرسم البياني 1). ويعكس هذا التباطؤ، ضمن عوامل أخرى، اعتدال نشاط قطاع التصنيع، الذي سجل نمواً بنسبة 4.3% على الرغم من انخفاض إنتاج المنتجات البترولية المكررة، إلا أن وتيرة النمو تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بنسبة 12.2% المسجلة في الربع الرابع من عام 2024. كما شهدت قطاعات أخرى تباطؤاً في وتيرة النمو، من بينها قطاع العقارات وتجارة الجملة والتجزئة والنقل والتعليم. وفي المقابل، عوّض هذا التباطؤ جزئياً تسجيل أكبر قطاعات الاقتصاد غير النفطي لمعدلات نمو أقوي، بما في ذلك الإدارة العامة والدفاع، بالإضافة إلى الوساطة المالية والتأمين، والتي سجلت نمواً بنسبة 1% و3.2%، على أساس سنوي، على التوالي. (الرسم البياني 2)
قطاع النفط يسجل انكماشاً هامشياً مع توقع عودته للنمو في الربع الثاني
تقلص معدل انكماش الناتج المحلي للقطاع النفطي بشكل ملحوظ إلى -0.3%، على أساس سنوي، في الربع الأول من عام 2025، مقابل -5.7% في الربع السابق، ليسجل بذلك أقل معدل تراجع منذ بدء الكويت خفض إنتاجها النفطي في الربع الثاني من عام 2023، وذلك ضمن إطار مشاركتها في خطة التخفيضات الطوعية مع سبعة أعضاء آخرين من مجموعة الأوبك وحلفائها (الرسم البياني 4). ووفقاً لبيانات الأوبك الثانوية، فقد بلغ متوسط إنتاج الكويت من النفط 2.415 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2025، بانخفاض بلغت نسبته 0.7% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي (الرسم البياني 4). إلا أنه من المرتقب أن يشهد القطاع النفطي تحسناً ملموساً اعتباراً من الربع الثاني من عام 2025، بعد بدء أعضاء الأوبك الثمانية في تنفيذ خطة الإلغاء التدريجي لشريحة التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من أبريل 2025. وبينما كان من المقرر تنفيذ هذا الإلغاء على مدار 18 شهراً، سارعت الأوبك وحلفاؤها وتيرة رفع الإمدادات، لتشير بذلك التوقعات الحالية إلى إمكانية استعادة كامل الإنتاج بحلول شهر سبتمبر، أي قبل عام كامل من الجدول الزمني المعلن. أما في الكويت، ارتفع إنتاج النفط الخام بنسبة 0.5% على أساس ربع سنوي خلال الربع الثاني من العام الحالي ليصل إلى 2.426 مليون برميل يومياً، مع توقعات بتسارع وتيرة الزيادة إلى 2.533 مليون برميل يومياً، في المتوسط، خلال النصف الثاني من عام 2025. ومع استمرار قدرة سوق النفط على امتصاص الزيادة في إنتاج الأوبك وارتفاع الامدادات العالمية، إضافة إلى استقرار أسعار النفط الخام حالياً بالقرب من 70 دولار للبرميل، فإن إمكانية تحسن توقعاتنا تتضمن احتمالية إلغاء التخفيضات الطوعية القائمة للدول الثمانية المشتركة في هذه التخفيضات البالغة 1.66 مليون برميل يومياً، والتي تمثل حصة الكويت منها 128 ألف برميل يومياً.
النمو يتجه إلى المسار الإيجابي في عام 2025
من المتوقع أن يحافظ نمو الناتج المحلي الإجمالي على مساره الإيجابي في الأمد القريب، بدعم من استمرار التوسع التدريجي للنشاط غير النفطي وارتفاع إنتاج النفط. كما يتوقع أن يستفيد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من جملة الإصلاحات الحكومية، بما في ذلك إقرار قانون التمويل والسيولة الجديد مؤخراً والذي قد يساهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية الرئيسية. كما أن إمكانية الموافقة على قانون التمويل العقاري في وقت لاحق من عام 2025 والذي قد يعزز من قدرة الأسر على الاقتراض، ويدعم بالتالي الإنفاق الاستهلاكي. وتشير المؤشرات الاقتصادية للربع الثاني من عام 2025 إلى استمرار قوة النشاط غير النفطي، إذ تجاوز متوسط المؤشرات الفرعية للإنتاج والطلبات الجديدة ضمن مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص غير النفطي مستوى +57 نقطة. وفي ذات السياق، واصل النشاط العقاري نموه القوي مدفوعاً بالتخلص من الانخفاضات السابقة التي شهدتها أسعار القطاع السكني، بينما بلغ نمو الائتمان 5.5% على أساس سنوي في مايو، وقد يشهد مزيداً من الزخم خلال الأشهر المقبلة في حال تم خفض سعر الفائدة مرة أخرى.
إلا أن هناك تحديات قد تؤثر على التوقعات، إذ تحوّل نمو الإنفاق الاستهلاكي المحلي (استناداً إلى بيانات معاملات بطاقات بنك الكويت المركزي) إلى المنطقة السالبة في الربع الأول من عام 2025، مما أدى إلى استمرار الاتجاه الضعيف المسجل لأكثر من عام. ونتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.9% خلال العام الحالي، مدفوعاً بنمو القطاعين النفطي وغير النفطي بنسبة 1.2% و2.5%، على التوالي.