التحليل الاقتصادي
15.01.2025كشفت التقديرات الأولية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء عن انخفاض الناتج المحلي غير النفطي في الربع الثالث من عام 2024 بنسبة 2.5% على أساس سنوي، وذلك بعد الأداء القوي الذي سجله في النصف الأول من عام 2024. ويعزى هذا التراجع للانكماش العديد من القطاعات، ومن ضمنها التصنيع والإدارة العامة والدفاع. ومن جهة أخرى، تراجع الناتج المحلي النفطي بنسبة 5.3% نتيجة لاستمرار خطة خفض حصص الإنتاج المقررة من منظمة الأوبك، والتي تم تمديدها خلال النصف الثاني من عام 2024. وبناءً على هذه التحركات التي طرأت على ناتجي القطاعين النفطي وغير النفطي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9% في الربع الثالث من عام 2024، إلا أن التوقعات على المدى القريب ما زالت أكثر تفاؤلاً، في ظل إلغاء تخفيضات حصص إنتاج النفط المقرر تطبيقه في عام 2025، والمسار الهبوطي لأسعار الفائدة، إلى جانب ارتفاع وتيرة إسناد المشاريع التنموية مؤخراً، إضافة لتوقع تسريع الحكومة تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية، مما يعزز آمال تعافي الاقتصاد.
انكماش القطاع غير النفطي في الربع الثالث وآفاق مستقبلية أفضل للربع الرابع من عام 2024 وعام 2025
يشير انخفاض الناتج المحلي غير النفطي في الربع الثالث من عام 2024 لضعف ملحوظ مقارنة بالمعدل المسجل في الربع السابق والذي بلغ 2.5% على أساس سنوي بعد المراجعة، مقابل 4.2% قبل تعديله (الرسم البياني 1). وكان الانكماش السنوي الذي شهدته الأنشطة غير النفطية واسع النطاق، إذ شهدت معظم المكونات الفرعية تراجعاً سنوياً، وكان أشدها في قطاع التصنيع الذي سجل انخفاضاً بنسبة 10.8% على أساس سنوي، رغم مكاسب إنتاج المنتجات البترولية المكررة في مصفاة الزور، كما تشير البيانات الرسمية المقدمة إلى مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (JODI). ومن جهة أخرى، كان انكماش القطاعات الاقتصادية الكبيرة الأخرى كالإدارة العامة والدفاع (-2.5% على أساس سنوي)، والوساطة المالية (-2.5%)، وتجارة الجملة والتجزئة (-3.3%) أقل حدة، ولكن ما يزال لها تأثير واضح على الاقتصاد (الرسم البياني 2 و3). وساهمت المكاسب التي سجلتها قطاعات الفنادق والمطاعم (5%) والتعليم (3.1%)، إضافة إلى قطاع النقل (2.2%)، في الحد من تأثير تراجع القطاعات الأخرى.
أما على صعيد التوقعات المستقبلية، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد غير النفطي في الربع الرابع من عام 2024 انتعاشاً مدفوعاً بتدفق السياح المرتبط باستضافة الكويت لبطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم. إضافة لذلك، إذ أظهرت بيانات مسح مؤشر مديري المشتريات للربع الرابع من العام تسجيل أعلى معدل نمو لبند الإنتاج في تاريخ المؤشر، مع وصول قراءة المؤشر إلى 57.4 نقطة. وبالنسبة للعام 2025، ما تزال آفاق النمو إيجابية بصفة عامة، إذ تشير التوقعات لانتعاش تدريجي وذلك في ظل توقع تحسن الإنفاق الاستهلاكي، وإن كان بمعدل متواضع، إلى جانب الزيادة الملحوظة في نمو الائتمان وإسناد المشاريع التنموية، والتي سجلت أعلى مستوياتها في نحو 8 سنوات خلال الربع الرابع من عام 2024. كما أن إمكانية انخفاض أسعار الفائدة قد تساهم في تعزيز الاستثمارات، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة دفع الأجندة الاقتصادية لرؤية 2035. كما يتوقع أن يشهد الناتج المحلي غير النفطي نمواً بنحو 2.6% في عام 2025، مقارنة بنمو قدره 2.0% في عام 2024.
ما تزال أوضاع قطاع النفط مرتبطة بسياسة الأوبك مع انخفاض الإنتاج في الربع الثالث للربع السادس على التوالي
استمر انكماش الناتج المحلي للقطاع النفطي للربع السادس على التوالي في الربع الثالث من عام 2024، وإن كان بتراجع أقل حدة مقارنة بالربع السابق والذي شهد انخفاضاً بنسبة 6.8% على أساس سنوي، في حين شهد القطاع تحسناً هامشياً على أساس ربع سنوي بنسبة 1.0% (الرسم البياني 4). ومنذ بداية عام 2024، حافظت الكويت على استقرار إنتاجها الشهري من النفط الخام عند مستوى 2.41 مليون برميل يومياً، وفقاً للحصة المقررة في خطة الأوبك وحلفائها والالتزامات المتعلقة بتخفيضات الإنتاج الطوعية، والتي كانت قد تضمنت خفضاً إضافياً بمقدار 135 ألف برميل يومياً في بداية الأمر. وكان من المقرر إلغاء هذه التخفيضات في النصف الثاني من عام 2024، إلا أنه بسبب ضعف أساسيات السوق، تم تمديد تلك التخفيضات ثلاث مرات. ووفقاً لاجتماع الأوبك وحلفائها في ديسمبر 2024، فمن المتوقع أن يبدأ إنتاج النفط الخام الكويتي في الارتفاع تدريجياً اعتباراً من أبريل 2025، بمعدل شهري قدره 7 آلاف برميل يومياً، حتى يتم استعادة كامل التخفيضات البالغة 135 ألف برميل يومياً، ليصل الإنتاج إلى 2.548 مليون برميل يومياً بحلول سبتمبر 2026. واستناداً إلى هذا الجدول الزمني، والذي يفترض عدم تمديد تخفيضات الإنتاج، من المتوقع أن يعود الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي للنمو بدءًا من الربع الثاني من عام 2025.
البيانات المنقّحة تشير إلى نجاة الاقتصاد من الركود في عامي 2022-2023
مرة أخرى، شهدت البيانات الصادرة أخيراً مراجعات ملحوظة لسلسلة البيانات التاريخية للعديد من القطاعات غير النفطية، بما في ذلك الإدارة العامة والدفاع، والتصنيع، و"الضرائب بعد خصم الدعوم". وقد أثرت هذه التعديلات بشكل واضح على تقييم الأداء الاقتصادي للكويت في السنوات الأخيرة، إذ أظهرت البيانات أن الاقتصاد غير النفطي تمكّن من تجنب الركود في عامي 2022 و2023، بدعم من التحسن الهائل الذي شهدته عدة قطاعات كالإدارة العامة والدفاع، والكهرباء والغاز والمياه، بالإضافة إلى الإنشاءات. وتم تعديل نمو الناتج المحلي غير النفطي لعامي 2022 و2023 إلى 1.6% (مقارنة بالتقدير السابق بانكماش بنسبة -0.1%) و1% (مقارنة بالتقدير السابق بانكماش بنسبة -2.9%)، على التوالي. وفي المقابل، تم خفض معدل النمو المسجل في عام 2021 من 5.4% إلى 4.2%. أما بالنسبة للبيانات الأولية للربع الثالث، فقد تخضع لمراجعات محتملة في الإصدارات المستقبلية.