التحليل الاقتصادي
13.02.2025سجلت المبيعات العقارية نمواً ملحوظاً في كافة القطاعات خلال الربع الرابع من عام 2024 وذلك على خلفية قوة الطلب على العقارات، خاصة ضمن الفئتين الاستثمارية والتجارية. كما شهدت أسعار العقارات أول ارتفاع ربع سنوي لها خلال عام، بدعم من صعود أسعار العقارات الاستثمارية والمنازل السكنية. وعلى مدار عام 2024 بأكمله، حقق القطاع العقاري أول مكاسب سنوية له منذ عام 2021، إذ تركز الانتعاش في القطاعين الاستثماري والتجاري، أما نمو المبيعات السكنية فقد كان أقل حدة. وبالنسبة للنظرة المستقبلية لعام 2025، فتبدو التوقعات إيجابية، مع احتمال تحسن وتيرة نمو الاقتصاد غير النفطي، وخفض أسعار الفائدة، إلى جانب إمكانية تنفيذ إصلاحات تشريعية، أبرزها قانون التمويل العقاري، الذي قد يعزز سيولة السوق ويدعم تعافي القطاع السكني بشكل ملحوظ.
انتعاش النشاط العقاري في الربع الرابع من 2024
ارتفعت المبيعات العقارية في الربع الرابع من 2024 بنحو 28%، على أساس ربع سنوي، (بعد تسجيلها لتراجع هامشي بنسبة -0.8% في الربع السابق) إلى 1.082 مليار دينار، لتصل بذلك إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ أكثر من عامين (الرسم البياني 1). وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بالنشاط القوي للقطاعين الاستثماري والتجاري، إذ شهد القطاع الاستثماري نمواً بمعدلات ملحوظة في حجم الصفقات وقيمة المبيعات، بينما عززت الصفقات الكبيرة في محافظتي حولي والأحمدي أداء القطاع التجاري. وفي المقابل، سجل القطاع السكني زيادة ملحوظة لكنها أقل حدة. وبلغت قيمة مبيعات العقارات السكنية في الربع الرابع 456 مليون دينار، مسجلة أعلى مستوياتها خلال عامين بدعم من ارتفاع عدد الصفقات العقارية للربع الثاني على التوالي، وتركز نحو 38% من هذه الصفقات في محافظة الأحمدي. واستفاد الطلب على العقارات السكنية من انخفاض تقييمات المناطق الخارجية وتجدد معنويات التفاؤل حيال آفاق القطاع في العام الجديد.
وواصلت مبيعات العقارات الاستثمارية ارتفاعها القوي للربع الثاني على التوالي، لتصل في الربع الرابع إلى 433 مليون دينار، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ ستة أعوام. ويعزى هذا النمو لارتفاع العوائد الإيجارية، في ظل نقص المساكن منخفضة التكلفة للعمال في المناطق المركزية، وذلك بعد تشديد الحكومة للأنظمة المتعلقة بالاكتظاظ السكني، عقب حريق المنقف في يونيو 2024.
من جهة أخرى، تعافت مبيعات العقارات التجارية في الربع الرابع من عام 2024 من التراجع الحاد الذي شهدته في الربع السابق، لتصل إلى 193 مليون دينار. وعلى الرغم من هذا الانتعاش، ما تزال المبيعات أقل من المستوى القياسي المسجل في الربع الثاني من عام 2024، والذي بلغ 294 مليون دينار. وشكلت ست صفقات كبرى نحو 61% من إجمالي المبيعات، بقيمة إجمالية بلغت 118 مليون دينار، مع تركز معظم هذه الصفقات في محافظتي حولي والأحمدي.
انتعاش المبيعات العقارية إلى مستويات تقارب عام 2022 مع تركز النمو في القطاعين الاستثماري والتجاري
شهد عام 2024 انتعاش النشاط العقاري بعد التراجع المسجل في عام 2023، مدفوعاً بصفة خاصة بالأداء القوي للقطاعين الاستثماري والتجاري. وكان للصفقات الكبرى التي تم إبرامها على مستوى هذين القطاعين (صفقات بقيمة تجاوزت 10 مليون دينار) دوراً محورياً في تحفيز النشاط، بدعم من التقييمات التي كانت أكثر جاذبية مقارنة بالقطاع السكني، إلى جانب النمو القوي للقروض العقارية (+6.8% في عام 2024 مقابل +1.3% في عام 2023)، وذلك في ظل معدل مرتفع لأسعار الفائدة. وعلى الرغم من التحسن الملحوظ مقارنة بالتراجع الحاد الذي شهده عام 2023 (-26% على أساس سنوي)، إلا أن مبيعات القطاع السكني – الذي لطالما كان أكبر مساهم في إجمالي حجم الصفقات – سجل نمواً متواضعاً بنسبة 7.1% فقط. وما يزال حجم المبيعات في عام 2024 أقل بنسبة -45% من مستويات الذروة المسجلة بعد الجائحة في عام 2021. ويرجح أن يكون منع اصدار الوكالات العقارية غير القابلة للعزل قد حد من مضاربات القطاع السكني، إلى جانب ترقب فرض رسوم على الأراضي الفضاء غير المطورة (اعتباراً من يناير 2026). وبالتوازي مع ارتفاع تقييمات الوحدات السكنية، ربما ساهمت هذه العوامل في تحويل الأنظار نحو القطاعين الاستثماري والتجاري، اذ تتسم العوائد بالإيجابية والفرص الاستثمارية بجاذبية أكبر.
القطاع الاستثماري يعزز أسعار العقارات
سجل مؤشر بنك الكويت الوطني لأسعار العقارات أعلى معدل نمو منذ عامين ونصف (+3.8% على أساس ربع سنوي) في الربع الرابع من عام 2024، مدفوعاً بالارتفاع الملحوظ لأسعار القطاع الاستثماري، الأمر الذي ساهم في تعويض بعض الخسائر السابقة، بينما سجل مؤشر القطاع السكني مكاسب أكثر اعتدالاً. وعلى أساس سنوي، تراجع المؤشر الإجمالي بمعدل أقل مقارنة بالربع الثالث من عام 2024 (-3.0% على أساس سنوي مقابل -4.7%)، في ظل تباطؤ تراجع أسعار المنازل وارتفاع أسعار العقارات الاستثمارية بنسبة 2.8% على أساس سنوي. وبالنسبة لعام 2024 ككل، تراجع المؤشر بنسبة 3.0%، مقارنة بزيادة هامشية بلغت 0.6% في عام 2023. وجاء هذا الانخفاض بعد موجة ارتفاعات قوية في عامي 2021 و2022، إذ سجل المؤشر آنذاك نمواً بنسبة 7.0% و7.7%، على التوالي. وعلى الرغم من التراجع العام، إلا ان أسعار القطاع السكني ما تزال أعلى من مستوياتها المسجلة في عام 2021.
استمرار وقف توزيعات القسائم مرة أخرى في الربع الرابع
استمر وقف توزيع الأراضي السكنية الحكومية في الربع الرابع من عام 2024، للربع الثاني على التوالي، وفقاً لموقع المؤسسة العامة للرعاية السكنية. ومن المرجح أن يكون هذا التوقف مرتبطاً بانتظار الإعلان عن استراتيجية التوزيع الجديدة وإقرار قانون التمويل العقاري. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد طلبات الإسكان القائمة ليصل إلى 98,099 طلب بنهاية أكتوبر 2024. وأشار تقرير صادر عن المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلى أن تباطؤ تنفيذ مشاريع الإسكان وضعف الإنفاق على البنية التحتية يعودان بشكل رئيس إلى عقبات فنية وإدارية. إلا أن الفترة الماضية شهدت اسناد عقود جديدة لمشاريع البنية التحتية في مدينة المطلاع، إلى جانب إرساء عقدين لإنشاء منازل وتطوير البنية التحتية ضمن مشروع الإسكان منخفضة التكلفة. وفي المقابل، تراجعت قروض بنك الائتمان الكويتي المعتمدة لتمويل الأراضي الحكومية على أساس ربع سنوي وسنوي، لتصل إلى 111 مليون دينار. وفي ذات الوقت، ارتفعت القروض الموزعة بنسبة 15% على أساس ربع سنوي، لتبلغ 111 مليون دينار، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها في ثماني فترات ربع سنوية خلال الربع السابق.
توقعات عام 2025 ما تزال إيجابية، والتغييرات التشريعية المختلفة قد تؤثر على السوق
ما يزال المشهد العام للنشاط العقاري في عام 2025 إيجابياً، في ظل توقعات باستمرار الزخم الذي استمر في الربع الرابع من العام الماضي، وذلك على خلفية تحسن افاق نمو الاقتصاد غير النفطي وامكانية خفض أسعار الفائدة. كما أن الإصلاحات التشريعية المرتقبة قد تلعب دوراً محورياً في إعادة تشكيل السوق، ومن أبرزها التعديلات الأخيرة على قانون الإقامة، التي منحت الملاك والمستثمرين إقامات طويلة الأجل تتراوح بين 10 و15 عاماً، إلى جانب قانون تنظيم تملك العقارات لغير الكويتيين. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يكون لإصدار القانون الذي يسمح للسلطات بمراجعة رسوم الخدمات وتنظيم ظروف معيشة العمال (فرض قيود على الإشغال السكني بحد أقصى أربعة أشخاص في الغرفة الواحدة) تأثير مباشر على سوق العقارات بما يساهم في زيادة الطلب على العقارات الاستثمارية والتجارية، لكنها قد تؤدي أيضاً لتفاقم الضغوط التصاعدية على الإيجارات، خاصة بالنسبة لمساكن العمالة ذات الأجور المنخفضة.
ومن المتوقع أن يساهم الإقرار المرتقب لقانون التمويل العقاري في تحفيز الطلب على القطاع السكني، إذ تشير التقارير إلى التوجه نحو توسيع نطاق تمويل ملكية المنازل. وتشمل هذه التعديلات زيادة الحد الأقصى للقروض السكنية المقدمة من البنوك المحلية إلى 130 ألف دينار بسعر فائدة يبلغ 2% فوق سعر الخصم، بالإضافة إلى القرض الحكومي البالغ 70 ألف دينار دون فوائد. كما تتضمن الإصلاحات تمديد فترة استحقاق القروض العقارية التجارية من 15 إلى 25 عاماً، ورفع الحد الأقصى لنسبة الدين إلى الدخل من 40% إلى 50% من الراتب الشهري، مما قد يوسع قاعدة المشترين المحتملين. إلا انه هناك بعض المخاطر القائمة، إذ قد يتباطأ زخم السوق في حال سجل النمو الاقتصادي أداءً أقل من التوقعات في عام 2025. كما أن دخول قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء حيز التنفيذ في يناير 2026 – والذي يفرض ضريبة سنوية على الأراضي السكنية غير المطورة – قد يدفع ملاك الأراضي إلى تسريع عمليات البيع أو التطوير، الأمر الذي قد يؤثر على وتيرة انتعاش الأسعار.